mercredi 12 octobre 2011

يسقط الاحصاء العنصري+ محضر التحقيق/ جبريل جالو


الكاتب خلال المظاهرة السلمية
تشهد الساحة الوطنية تصاعدا ملحوظا لحركة الاحتجتاج ذات الطابع المطلبي ،وعلى صعد مختلفة، يجمع بينها الوقوف في وجه السياسات الاقصائية والفئوية للدولة الموريتانية والنظام السياسي الرسمي. وتجتمع الحركة الاحتجاجية على النزول للشارع ،والضغط السلمي ،لانتزاع حق العدالة والمساواة لمختلف مكونات الشعب الموريتاني، إلا أن
النظام الفئوي القائم يلجأ إلى أساليب بوليسية لقمع حركة الاحتجاجات و محاولة وأدها واسكات صوتها عبر الافراط في استعمال القوة ضد المتظاهرين والاعتقالات التعسفية بحق النشطاء والحقوقيين.

ويعمد النظام إلى محاولة تشويه الحركة الاحتجاجية عبر الإعلام الرسمي وشبه الرسمي. ومن المثير للاستغراب اعتقال قوات الأمن بعض الاجانب واتهامهم زورا وتلفيقا بالمشاركة في المظاهرات.. هذا الأسلوب الساقط لن ينطلي على أحد.
نحن لا نعتمد في الاحتجاج إلا على ضحايا القهر والجور، وأنصار القضيا العادلة من ذوي الضمائر الحية .ولا تفسير لهذا "السلوك البوليسي" إلا أن آلة الظلم تطال المواطنين والأجانب على حد سواء، فيما يعكس احتقارا سافرا للقيم والأعراف والقوانين المحلية والدولية.
وفات على النظام وحده أن يسجل أن مختلف الشرائح تشارك في الاحتجاجات ضد هذا الاحصاء. ولم يستمع إلى صوت السيد مسعود ولد بلخير رئيس البرلمان ولا إلى النواب والأحزاب وهيئات المجتمع المدني التي نبهت على الخطر الذي يهدد به هذا الاحصاء .
ويصغر النظام في أعيننا عندما يحاول العبث بالتعايش السلمي، ويسعى للتلاعب على التنوع العرقي، وهو يمتثل مقولة "الإفلاس" لدى الأنظمة الدكتاتورية قائلا: "إما أن يستمر الحال على ما هو عليه أو أن تدخل البلاد في حرب أهلية يخسر فيها الجميع " ويتجاهل النظام أنه يشن حربا متعددة الأبعاد على فئات وشرائح واسعة من المواطنين، حيث أن النظام- وكما يدرك الجميع- تتحكم فيه مجموعات من فئة واحدة متغلبة تستخدم "شخوصا" أطفأ الله ضمائرها من الفئات الأخرى أصناما تزين بهم معبد الاستبداد . هذه المجموعات تستأثر بالسلطة والقرارا والأمن والدبلوماسية والقضاء والاقتصاد ...وهلم جرا.
وبكل أسف فإن استئثار مجموعة "البيظان البيض" بكل مفاصل الدولة وتسخير امكانيات البلد لرعاية مصالحها لهو سلوك جائر وغير أخلاقي وخال من الحكمة في تصريف الشأن العام الأمر الذي يولد الاحتقان وينتج رفض النظام الذي يقوض المواطنة ويسيئ للتعايش السلمي المستديم.
إن التعايش السلمي المستديم "ضرورة ملحة" ولا يمكن تصور التعايش أو إقامته وتفعيله خارج إطارات ضابطة لسلوك الدولة أبرزها المواطنة والعدالة والمساواة بعيدا على استغلال الدولة وتسخيرها لصالح فئة معية على حساب الفئات الأخرى.
وقد بالغ النظام السياسي الموريتاني منذ الاستقلال ليومنا هذا في السياسة الفئوية البغيضة.
حيث لجأ النظام إلى استهداف التنوع الثقافي والعرقي وحاصر اللغات والثقافات المحلية بل وصل به الأمر لحرب إبادة شملت تصفية عرقية للسود الأفارقة الموريتانيين في الجيش الوطني والأسلاك الأمنية ورحلت مدن قرى وانتزعت ممتلكات وأهينت كرامة مواطنين لمجرد أولانهم ولغاتهم، في الفترة 1987-1992م هذه الجرائم نالت من العقيدة الوطنية والعسكرية، وهزت الثقة وهددت التعايش، ذلك أن العدالة والحقيقة والمصالحة والمصارحة كلها لم تعرف طريقا لحل هذه الملفات، بقدرما لجأ النظام إلى المهدئات، وذر الرماد في العيون ،وادخار الجمر تحت الرماد ،دون معالجات حقيقية، تحمي التعايش وتخدم المستقبل والاستقرار.
الآن وقد تطورت الأمور لدرجة التشكيك في مواطنة المواطنين، و إهانتهم في انتمائهم لهذه الأرض التي تكتنز قبور أجدادهم وقراهم وآبارهم منذ مئات السنين لا يمكن إلا الاستماع لصوت الحكمة والعقل والانصاف لأن الظلم حتما طريق للدمار والخراب ولم يسع الظلم والاستبداد يوما في تاريخ البشرية إلى اسعاد الإنسان طاغية كان أم ضحية.
هذا الاحصاء الجائر يترجم إدارة النظام الموريتاني في نهج التصفية والاقصاء ،وأعتقد أن الرسالة الواضحة للحركة الاحتجاجية والتي على النظام أن يعيها وقبل فوات الأوان هي "أوقفوا هذا الاحصاء أوأصلحوا مواطن الخلل فيه، في جو من التوافق والتفاهم ،وإلا فإننا سنوقفه بالنضال السلمي المستمر مهما تعاظم الثمن الذي ندفعه. وحينها فإن النظام سيتخلف عن موعده مع التاريخ."
لقد برهنت الحركة الاحتجاجية على فشل الحلول الأمنية وإفلاس النظام السياسي وغياب الإرادة الجادة للتعاطي مع مطالب المحتجين.
وغني عن التنويه أن عالم اليوم بتواصله ووسائطه أيقظ الحس المطلبي والاحتجاج السلمي وطول النفس النضالي في سبيل القضاء على الاستبداد بكل أشكاله من أجل العبور الآمن إلى دولة العدالة والقانون. وما تجربة مبادرة الانعتاق إلا مثالا حيا في النضال السلمي للقضاء على الرق ومخلفاته و تفعيل القوانين المجرمة له. لكن أنظمة الاستبداد لا تتعظ
ويتمادى النظام في اختلاق الأزمات المفتعلة، محاولا التغطية على الطابع العنصري والتمييزي لهذا الاحصاء، يقول الخطاب الرسمي مثلا :إن هذا الاحصاء يرمي إلى ضبط الحالة المدنية . هل ضبط الحالة المدنية يعني استهداف مواطنين لا أرض لهم إلا هذه البلاد؟ ولم يكتسبوا الجنسية الموريتانية وإنما ورثوا المواطنة ورضعوها. ولماذا يستهدف هذا الاحصاء فئات معينة؟ ألا يمكن تعداد المواطنين ومعاملتهم بنفس الطريقة؟ من هو المسؤول عن التسيب في الحالة المدنية الإدارة أم الزنوج؟ ألم تمنح السلطات الموريتانية جنسية البلد في عهد الرئيس الراحل المختار ولد داداه لأناس لا علاقة لهم بهذه الأرض.؟ ألم يمنح الرئيس الدكتاتور ولد الطايع نفس الجنسية للطوارق الماليين لأغراض انتخابية.. أم أن بيع الجنسية لم يكن تجارة مربحة للإداريين الموريتانين؟ هل عوقب هؤلاء التجار؟ هل السود الأفارقة الموريتانيون مهاجرون أم أبناء مهاجرين أم أنهم سكان أصليون لهذه الأرض كفى تلاعبا....
الرئيس عزيز الذي يحكم البلد ويقوده إلى الدمار أو ليس لأب مغربي مهاجر؟ ألا يعلم القاصي والداني أن الرئيس عزيز من مواليد السنغال؟
لماذا تركع الدولة جزءا من أبنائها وتدلل الآخرين؟
الغضب لن يعمينا عن الحقيقة هنالك من يؤمن بالتعايش السلمي ويدرك إمكانيته من كل الشرائح والمكونات.. وقد حان الوقت لرفض الظلم أيا كان مصدره وأيا كانت ضحيته .
الحل لمشكل التعايش يكمن في احترام المواطنة ونبذ الاقصاء وسيادة العدل
أعزائي القراء أقدم لكم نص محضر التحقيق الذي أجري معي خلال 12 عشر يوما من الاعتقال:
تصريح المدعو جبريل جالو
المحققون: أنت متهم بالمشاركة في مسيرة غير مرخصة. ومتهم بالاعتداء على الأفراد والممتلكات الخاصة والعامة. ومتهم بالاعتداء على الأفراد
تبعا لما تقدم ومتابعة للبحث نستمع للمدع جبريل جالو
تاريخ ومحل الميلاد................ :
الأبوان..................:
الإقامة..............
المهنة.............
رقم الهاتق....................:
حيث يصرح بما يلي : الحقيقة أنني شاركت في مسرة سلمية للاحتجاج على الاحصاء الداري ذي الطابع العنصري، الذي يستهدف شرائح السود الموريتانيين المصطلح عليهم (الزنوج.
هذا الاحصاء يشكك في مواطنة مواطنين مثلي ومثل سائل المنتخبين الموريتانيين.
هذا الاحصاء التمييزي العنصري يعتبر تصفية مدنية لنا ولن نقبل به بأي حال من الأحوال.
رغم كل التجاوزات التي ينتهجها هذا الاحصاء فإننا نعتبر بأن الوقوف في وجه هذا الاحصاء مسؤولية أخلاقية واستجابة لصوت الضمير الوطني الرافض لاستهداف أي مواطن بسبب اللون أو الجنس أ و اللغة أو محل الميلاد. وأريد أن أشير إلى أنه لم يعترض أحد على الاحصاء الاداري لعام 1998
السبب الثاني لمشاركتي في المسيرة هو تأبين الضحايا الذين اغتالهم رصاص الأمن الجائر في مدينة مقامه.
أما بخصوص قولكم بأن المسيرة غير مرخصة. فإننا نعتبر أن حق التجمع والتظاهر السلمي للمطالبة بالحقوق المشروعة حق يكفله الدستور وهو أعلى وثيققة مرجعية قانونيا في البلد.
ثم إن السلطات استمرت في تجاهل مطالبنا في إصلاح مواطن الخلل في هذا الاحصاء أو الغائه ولم يعد أمامنا إلى الاحتكام للنزول للشارع تعبيرا عن رفضنا لهذا الاحصاء وحشدا للرأي العام الوطني والدولي لمساندة قضيتنا هذه وكشف التجاوزات الواضحة والاستهداف المنظم والممنهج الذي يسعى إليه هذا الاحصاء ضد مواطنين موريتانيين أقحاح بما لا يخدم البلد لا في استقراره ولا في مستقبله ولا يدعم الوحدة الوطنية بل يسيئ هذا الاحصاء إلى اللحمة الوطنية ويعكس النوايا المبيتة للعب على التنوع العرقي في بلدنا بدل اعتباره مصدر ثراء وسبيلا للتعايش السلمي المستديم الذي هو قدرنا وما علينا إلا الرضى به وخدمته.
لم أعتد على أية ممتلكات خاصة أو عامة ولم أعتد كذلك على أي فرد مدني أو من الأسلاك الأمنية وهذه التهمة المغرضة والزائفة لا تمت للحقيقة بصلة ولا تعكس ثقافتي السلمية والمدنية وما يدل على زيف هذه التهمة وعلى أنها لاتصمد أمام الحقيقة نقطتين هما:
أولا أن عناصر الأمن الشرطة والحرس حين بدأت بقصف المحتجين بالقنابل المسيلة للدموع والعصي والهراوات كنت من بين الشباب الصامدين والذين رفعوا أيديهم إلى السماء وكنا نهتف سلمية سلمية. وكما ترى- أي أحد المحقين- أثر طلقة للقنابل المسيلة للدموع والتي أصابت بياض كفي الأيمن لأنها كان مبسوطة في الهواء.
والحقيقة أني كنت ضحية القمع الهمجي والضرب المبرح وفي مناطق حساسة كالرأ والأضلع والبطن بالعصي والأحذية على أيدي الشرطة وأفراد الحرس والذين اعتدوا علينا على مرأى ومسمع من ضباط أمن ومفوضي شرطة.
ثانيا أن كاميرات التصوير للزملاء الصحفيين والنشطاء تثبت بما لا يدع مجالا للشك أنني لم أعتد على الأفراد ولا على الممتلكات.
س/: ألا تعلم أن أية تظاهرة لا بد من أن ترخص من طرف السلطات؟
ج/: نحن نعتبر أن المطالبة بالحقوق الشرعية طبقا لما يكفله الدستو لا يتجاوز حد اشعار السلطات المعنية كما أن اللجوء للشارع بشكل سلمي جاء بعد استنزاف كل السبل بغية اسماع مطالبنا للسلطات الادارية وأريد أن أشير إلى تداخل المهام الادارية والامنية ..
س/: هل تقدمتم بطلب رسمي للقيام بالمظاهرة التي وقعت يوم أمس؟
ج/: سبق و أن أجبت على هذا السؤال
س/: قلت إن تظاهرتكم كانت سلمية كيف تفسر ما جرى فيها من اعتداء على الافراد والممتلكات الخاصة والعامة؟
ج/: أولا حالة الانفلات والفوضى ناتجة عن القمع الذي واجهت به قوات الامن جموع المحتجين كما أن قوات الامن جلبت عناصر قامت بالتخريب هذه العناصر لا علاقة لها بالمحتجين
س/: ذكرت أن كاميرات الصحفيين والناشطين أخذت صورا تظهر ما تعرضتم له من قمع هل لك أن تذكر لنا أسماء هؤلاء للتأكد من ما قلت؟
ج/:أولا، لن أذكر أسماء أفراد في المحضر واكتفي بأن المصورين تابعين لوكالات أنباء وفضائيات دولية وبعض النشطاء.
س/: هل هناك حزب أو حركة معينة تقف وراء هذه الاحداث؟
ج/: هذه الحركة الاحتجاجية يقف وراءها شباب موريتانيون يدركون خطورة هذا الاحصاء على اللحمة الوطنية واستهدافه كما أسلفت لمواطنة مواطنين وإهانتهم في أعز ما لديهم ألا وهو الهوية والانتماء لهذا الوطن.
جبريل جالو
اكتوبر 2011 نواكشوط

أضف تعليق

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire