mardi 21 octobre 2014

داعش" تعيد الحياة إلى القيادة التاريخية لبعثيي موريتانيا

"داعش" تعيد الحياة إلى القيادة التاريخية لبعثيي موريتانيا


نواكشوط - محمد ناجي ولد أحمدو
الثلاثاء 21 أكتوبر 2014 - 14:47



"داعش" تعيد الحياة إلى القيادة التاريخية لبعثيي موريتانيا

.. وعادت النواة التاريخية الصلبة لبعثيي موريتانيا إلى البروز لتعلن أنها موجودة؛ وأن لها مواقف وخطا فكريا حيال ما يجري في العالم العربي.

جماعة الرأي السياسي؛ كما يطلق على رفاق وأصدقاء العميد محمد يحظيه ولد ابريد الليل؛ خرجوا على الرأي العام الموريتاني؛ ببيان يحمل عنوانا محددا وحادا في نفس الوقت؛ "نحن وداعش والغرب".

من خلال العنوان؛ تتبدى للوهلة الأولى عناصر إعلان المبادئ، أو (البيان رقم1) هذا، عناصر ثلاثة، هي نحن، و"النحن" عند البعثيين لا تعني بالتأكيد الجماعة الموقعة على البيان، ولا بعثيي موريتانيا، ولا حتى الموريتانيين فحسب، بل تتجاوز الأطر الضيقة؛ لتشمل "الأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة"، كما في الشعار العتيق الذي وقف خلفه ساطع الحصري وعفلق والبيطار وبقية الآباء المؤسسين.

وداعش؛ هي الجماعة التي سمت نفسها بالدولة الإسلامية في العراق والشام، والتي وسعت مجالها الجغرافي وصلاحيات تدخلها لتشمل مناطق أبعد، تواتر الحديث عن تمددات لها حتى في المنطقة المغاربية، مع ملاحظة اختلاف المحللين في منشئها ومن كان يقف خلفها خلال لحظات الميلاد الأولى، بين قائل يقول هي صنيعة قوم خرجت عن سيطرتهم فانقلب السحر على الساحر، ومن معتقد أنها تطور طبيعي، يتلاءم مع قانون داروين للنشوء والارتقاء، وأنها حفيدة للأفغان العرب؛ فالقاعدة، وإن كانت أنكى مخالب وأشد وطأة من جداتها، ومن عادة الفرع أن يأتي بما في الأصل ويزيد، وتنحو الآراء في نشأة ظاهرة داعش وهدفها ومآلاتها طرائق قددا.

العنصر الثالث من عناصر العنوان هو الغرب، الذي يختلط فيه البعد الجغرافي مع البعد الحضاري، ولا تثريب علينا إذا ما استدعينا صموئيل هنتغتون عند تفكيك إحالات المصطلح؛ ففي البيان حديث عن مؤامرة ضد حضارة، تستهدف استئصالها.

البيان يبدأ بتقرير أن "التحالف الذي يشكله الغربيون الآن لمواجهة ما يسمى "داعش" أو "الدولة الإسلامية" يطرح على العرب مسؤولية غير مسبوقة، حتى على العرب في الأطراف، لأنه عندما يكون المستهدف العرب كبشر وكحضارة فلا فرق بين البعيد والقريب منهم ولا بين القوي والضعيف".

ودخلت نظرية المؤامرة العربية الأثيرة، يقول من يناوئون البعثيين، وأردفت معها شعور الاعتزاز بـ"الفرادة العربية"، تقول الفقرة الثانية من البيان أو إعلان المبادئ "ما يميز العرب عن بعضهم في مرحلة كهذه هو الوعي بحقيقة ما يُكاد لهم من كيد وما ينتظرونه من دمار وموت جماعي".

التحالف الغربي الحالي؛ يقول البيان، "امتداد لمؤامرات وتحالفات سابقة: التحالفات التي استهدفت تدمير العراق، والتحالفات ضد "القاعدة"، التحالف ضد القذافي".. إنه التاريخ يعود؛ فالبعثيون يتكئون على تراكمات تجارب الأمة، يقولون، والحاضر هو الابن الشرعي للماضي، والدم لا يستحيل ماء..

وتلاحظ جماعة الرأي أن ما تسميه التحالف الجديد أتى بعد "التدمير الكاسح" الذي خلفه ما سمي "بالربيع العربي والذي شمل الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه، والذي لم نلمس لدي الغربيين أي اشمئزاز منه أو أسف عليه، بل لاحظنا ارتياحا لديهم لا يمكن إخفاؤه".

بين البعثيين وما يسمى "الربيع العربي" ثارات ما زالت جراحها تنزف، ألم يوقد نارا في سورية، الدولة اليتيمة التي تعتنق البعث فكرا ومنهج حياة وأسلوب إدارة، بعد أن جاس الأمريكيون خلال عاصمة البعث الأخرى: بغداد قبيل نهاية العشرية الأولى من إبريل 2003، وحطموا تماثيل صدام؛ وأصدروا قوانين "اجتثاث البعث"..

لم يكن ذلك فقط السبب الوحيد الذي جعلهم لا يكنون الود لتلك الحوادث التي أضرمت النار في قلب الوطن العربي؛ المصطلح للبعثيين، فالربيع تم برعاية أمريكية وبتنفيذ من "وكلاء أمريكا" في المنطقة، دائما نواصل مع المعجم البعثي؛ الربيع اقتلع أيضا نظاما كان يتقاسم مع القوم اعتناق الفكرة العروبية، وربما ليس اعتباطا أن يصدر البيان في يوم يصادف مرور ثلاث سنوات على مقتل القذافي في سرت.

يعود البعثيون إلى قراءة التاريخ، القوم يولعون بقراءة التاريخ، ويروقهم جدا أن يكونوا قراء جيدين للتاريخ، ويحاولون تنزيل التحالف الجديد ضمن سياقه فهو تجربة "سبقتها وتخللتها عدوانات وعداوات تبدو للكثيرين وكأنها سلسلة متواصلة مع الزمن لا تتوقف، من أبرزها العدوان الثلاثي الفرنسي ـ البريطاني ـ الإسرائيلي عام 1956 والعدوان الثنائي الإسرائيلي الأمريكي عام 1967 والحروب والحملات المتتالية على الفلسطينيين وآخرها كان على غزة في الشهر الماضي".

المنظر الأب لجماعة الرأي السياسي هو محمد يحظيه ولد ابريد الليل؛ الذي يوصف على نطاق واسع بـ"المفكر الرصين"؛ والذي تحظى مقالاته المطولة؛ التي يكتب بين الفينة والأخرى باهتمام واسع، بل وكثيرا ما أثارت زوابع من الردود الداعمة والمناقضة، هذا الرجل كثيرا ما توسل بحكايات التاريخ ونظريات علم الاجتماع السياسي ليقرر رؤاه.

يخلص البعثيون إلى القول إن "كل هذه العدوانات والحروب والحملات والتحالفات المعادية ولدت بتراكمها وبسرعة وتيرة تلاحقها. شعورا عند العرب بأن الغرب عدو بكامل الكلمة والمعنى، وأنه يتحين كل فرصة ويفتريها إذا لم توجد لتدمير العرب وتقتيل أكبر عدد منهم".

ويزيد البعثيون من الشعر بيتا ليقولوا إن "ما نعيشه في هذا العصر هو "حرب صليبية" خالصة، مثل تلك الحروب التي جاء بها الأوربيون في نهاية العصور الوسطى".

وتهدد جماعة الرأي بأن "الغضب لما يتفجر إلى حد الساعة"، وهو "أمر تعامى عنه الغرب إلى الآن وربما يعتقد أنه بإمكانه تسميم نفوس أمة بكاملها بنقيع اليأس والاستسلام وأنه سيسحقه كالفخار ـ كما فعل بآثار بابل وأشور وأنه سيبدده كالرماد كما فعل بالنفط والغاز"، يقول البيان.

ويرد البعثيون على من يستغرب أن تظهر جماعة قومية مثلهم وكأنها تدافع عن "جماعة إسلاموية سلفية متحجرة وظلامية"، ليجيبوا أنهم "في الواقع لا يدافعون عن سياسات ومبادئ وأساليب السلفيين ولكننا ندافع عن العرب كبشر، ولا نستطيع أن نقبل أن يأتي الغرباء ليؤدبوهم".

الفكرة العربية القديمة "أنا وأخي على ابن عمي؛ وأنا وابن عمي على الغريب" تبرز من جديد مع هذه الجملة من بيان البعثيين "الأسرة تضرب أبنائها الضالين ضربا مبرحا ولا تقبل أن يخاطبهم شخص آخر بكلمة سوء واحدة".

وتتساءل جماعة الرأي لماذا لم نر تحالفا غربيا ضد الجيش الجمهوري الإيرلندي الإرهابي، أو رأينا في الحقب القريبة تحالفا غربيا ضد الإرهابيين الباسك؟
بعثيو موريتانيا يصدرون في بيانهم حكما جديدا ليس من أدبياتهم المألوفة، لقد قالوا بالحرف "لم نكن موافقين على كل سياسات صدام وخاصة احتلاله للكويت الذي هو مساس ضار بمبدأ الوحدة العربية ولكننا نرفض الطريقة التي قضي عليه بها".

للمراقبين في موريتانيا أن يسألوا لماذا اختارت جماعة الرأي أن تطل على الرأي العام ببيان حول "داعش"، لماذا لم يكن البيان مثلا عن قضية من قضايا الواقع الموريتاني المستعصية، الجواب جاء في الفقرة الأولى من البيان: "التحالف الذي يشكله الغربيون الآن لمواجهة ما يسمى "داعش" أو "الدولة الإسلامية" يطرح على العرب مسؤولية غير مسبوقة، حتى على العرب في الأطراف".

ويبقى سؤال الصالونات الموريتانية: وماذا بعد البيان رقم 1.
 


الكلمات المفتاحية : البعث, بريد الليل, داعش

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire