تناقلت وسائل الإعلام المحلية نبأ انضمام من أسمته " أمير الترارزة " إلى الحزب الحاكم . قرأت هذا النبأ وأنا خارج الوطن ، في عالم تجاوز منطق الإمارة و أعياه فهم الاسترقاق بشكله التقليدي الذي يحتضنه النظام الموريتاني ....
سمعت هذا النبأ و أنا في حملة دولية ضد الوضع القائم: الوجه الآخر للاستعلاء والدونية التي أسس عليها المجتمع الموريتاني.. قرأت عن هذا الخبر في وقت تصارع فيه شريحة لحراطين من أجل الوجود، في حين يصارع النظام الإقطاعي من أجل طمس كل الهمم وتحطيم كل الأحلام في بناء مجتمع عادل. إن العدو الكبير لنا كحراطين ، كشريحة ولدها الظلم وشرع لها فقه النخاسة ..عدونا الوحيد هو الشرف / النبل، وظلمنا الوحيد هو مفهوم "الخيمة الكبيره"، واحتقارنا الوحيد يكمن في "وخيرت " كصيغة تفضيلية تولد مع البعض ولا يفقدها مهما كان فسقه أو عصيانه أو نفاقه. أما الآخرون (والحراطين بالذات) فلا يحصلون على هذه الصيغة مهما وصل ورعهم وشجاعتهم وصدقهم ... أليس هذا ظلم يندى له الجبين !
أوجه سؤالا بريئا إلى الإخوة الصحفيين: ما الغاية من نشر مثل هذا الخبر عن أمير "بدون إمارة" يصفق لنظام عبر الموريتانيون عن رفضهم له بعد أن حلم بعضهم بأنه جاء للتصحيح والإنقاذ وما إلى ذلك من الشعارات؟ .. لكن سرعان ما تبين أننا اشترينا اللبن وبعنا اللبن .. وأنه لا فرق بين هذا وذاك ... كان ولد الطايع ينفي وجود الاسترقاق و يتستر بوجود آثاره ، و يطاب المساعدات المالية لمحاربة تلك الآثار... وعلى الرغم من أنه بعد الرحيل النسبي/ الشكلي لذلك النظام وافقت الجمعية الوطنية على قانون يجرم الرق الذي "لم يكن موجودا !".. وفي "لقاء الشعب"، خلال السنة الماضية ، طالعنا ولد عبد العزيز بنفس النكران، وأضاف أن الاسترقاق المذكور عبارة عن "علاقات بين الأسر" و لم يفسر ما أصل تلك العلاقات و ما مدى توازنها !؟ وقال عبارة أصبح ببغاواته يرددونها و هي أن الرق "لا وجود له إلا في أدمغة القائلين به"؛ يعني الإنعتاقيين الذين يسجنون لأنهم عبروا بطرقهم الخاصة عن رفضهم للدونية.. و يحرمون من العيش الكريم في بلاد هم أول من عمروها، و بنوها على أكتافهم ... ويفرض عليهم الانبطاح والسجود لغير الله : لقد كان النظام الطائعي يقدم الوظائف السامية لإسكاتهم عن الظلم والغبن وعنصرية الدولة .. و هذا بالذات هو ما يقوم به الجنرال اليوم... من الواضح إذن أن الاستعباديين والوجهاء والأمراء ينجحون دوما في جعل النظام يأتمر بأوامرهم ويقسم عليهم الهدايا من أموال الشعب حتى يمكنهم من تنظيم حفلات كبيرة يغرقون خلالها في بحر من المدح والتأليه وذكر أمجاد خيالية لا وجود لها إلا في أدمغة أصحابها الذين يحتاجون لسخاء الدولة وعنصريتها و تمييزها " السلبي" من أجل أن يظلوا متحكمين في رقاب المستذلين إلى الأبد.
إننا لم نعد نقبل الإمارة ! وكم كانت المفاجأة كبيرة عندما نشر الخبر. قلت في نفسي: هل يحتاج نظام جائر ومتغطرس إلى مساندة من هذا النوع؟ وما الذي ستحمل إليه سوى مزيد من النفقات من أموال الدولة على غير وجه حق و مزيد من الإملاء الذي يتعارض تماما مع دولة المواطنة و المساواة التي نحلم بها .. إن النظام الأميري من شيمه أن يستعلي على الجميع، إن وجد الوسائل المادية لذلك، وهذا هو السبب الذي يجعل الأمراء لا يبتعدون عن رحمة النظام ...
و سؤالي إلى من ملكوا الدولة و عبثوا بخيراتها و أعطوا نعما لمن لا يستحق وحرموا من يكدح في الليل و في النهار من أجل الكسب الحلال واللقمة الكريمة .. لهؤلاء أقول: هل أعياكم بناء دولة، لها مواطنون و قوانين لا تعرف معنى للتفاوت الاجتماعي الظالم الذي لا يستند على أي منطق، فقررتم نفخ الروح في الإمارات، وإذن العمل من جديد على تأخيرنا أكثر عن الركب وإخضاعنا للأمير لا خدمة لنا بل له هو؟
ثم هل أصبحت الصحافة "المستقلة " مفلسة إلى حد لم تعد معه تميز بين ما يقدم وما يؤخر حتى تساهم في خلق المواطن الشامخ بدل خلق العبيد وإعادة الإعتبار لأمير ليست له إمارة إلا إذا كان من تفاصيل الصفقة أن تخلق له الدولة تلك الإمارة التي لم تكن يوما كذلك؟.. مهما يكن فإن الأمر لا يعدو كونه فصل من فصول الدراما التي نعيشها من المهد إلى اللحد، والتي لا تموت إلا لتولد من جديد.
ابراهيم بلال اعبيد
إيطاليا في 02/07/2012
أوجه سؤالا بريئا إلى الإخوة الصحفيين: ما الغاية من نشر مثل هذا الخبر عن أمير "بدون إمارة" يصفق لنظام عبر الموريتانيون عن رفضهم له بعد أن حلم بعضهم بأنه جاء للتصحيح والإنقاذ وما إلى ذلك من الشعارات؟ .. لكن سرعان ما تبين أننا اشترينا اللبن وبعنا اللبن .. وأنه لا فرق بين هذا وذاك ... كان ولد الطايع ينفي وجود الاسترقاق و يتستر بوجود آثاره ، و يطاب المساعدات المالية لمحاربة تلك الآثار... وعلى الرغم من أنه بعد الرحيل النسبي/ الشكلي لذلك النظام وافقت الجمعية الوطنية على قانون يجرم الرق الذي "لم يكن موجودا !".. وفي "لقاء الشعب"، خلال السنة الماضية ، طالعنا ولد عبد العزيز بنفس النكران، وأضاف أن الاسترقاق المذكور عبارة عن "علاقات بين الأسر" و لم يفسر ما أصل تلك العلاقات و ما مدى توازنها !؟ وقال عبارة أصبح ببغاواته يرددونها و هي أن الرق "لا وجود له إلا في أدمغة القائلين به"؛ يعني الإنعتاقيين الذين يسجنون لأنهم عبروا بطرقهم الخاصة عن رفضهم للدونية.. و يحرمون من العيش الكريم في بلاد هم أول من عمروها، و بنوها على أكتافهم ... ويفرض عليهم الانبطاح والسجود لغير الله : لقد كان النظام الطائعي يقدم الوظائف السامية لإسكاتهم عن الظلم والغبن وعنصرية الدولة .. و هذا بالذات هو ما يقوم به الجنرال اليوم... من الواضح إذن أن الاستعباديين والوجهاء والأمراء ينجحون دوما في جعل النظام يأتمر بأوامرهم ويقسم عليهم الهدايا من أموال الشعب حتى يمكنهم من تنظيم حفلات كبيرة يغرقون خلالها في بحر من المدح والتأليه وذكر أمجاد خيالية لا وجود لها إلا في أدمغة أصحابها الذين يحتاجون لسخاء الدولة وعنصريتها و تمييزها " السلبي" من أجل أن يظلوا متحكمين في رقاب المستذلين إلى الأبد.
إننا لم نعد نقبل الإمارة ! وكم كانت المفاجأة كبيرة عندما نشر الخبر. قلت في نفسي: هل يحتاج نظام جائر ومتغطرس إلى مساندة من هذا النوع؟ وما الذي ستحمل إليه سوى مزيد من النفقات من أموال الدولة على غير وجه حق و مزيد من الإملاء الذي يتعارض تماما مع دولة المواطنة و المساواة التي نحلم بها .. إن النظام الأميري من شيمه أن يستعلي على الجميع، إن وجد الوسائل المادية لذلك، وهذا هو السبب الذي يجعل الأمراء لا يبتعدون عن رحمة النظام ...
و سؤالي إلى من ملكوا الدولة و عبثوا بخيراتها و أعطوا نعما لمن لا يستحق وحرموا من يكدح في الليل و في النهار من أجل الكسب الحلال واللقمة الكريمة .. لهؤلاء أقول: هل أعياكم بناء دولة، لها مواطنون و قوانين لا تعرف معنى للتفاوت الاجتماعي الظالم الذي لا يستند على أي منطق، فقررتم نفخ الروح في الإمارات، وإذن العمل من جديد على تأخيرنا أكثر عن الركب وإخضاعنا للأمير لا خدمة لنا بل له هو؟
ثم هل أصبحت الصحافة "المستقلة " مفلسة إلى حد لم تعد معه تميز بين ما يقدم وما يؤخر حتى تساهم في خلق المواطن الشامخ بدل خلق العبيد وإعادة الإعتبار لأمير ليست له إمارة إلا إذا كان من تفاصيل الصفقة أن تخلق له الدولة تلك الإمارة التي لم تكن يوما كذلك؟.. مهما يكن فإن الأمر لا يعدو كونه فصل من فصول الدراما التي نعيشها من المهد إلى اللحد، والتي لا تموت إلا لتولد من جديد.
ابراهيم بلال اعبيد
إيطاليا في 02/07/2012
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire