الأحد 29 نيسان (أبريل) 2012
رئيس التحالف الشعبي مسعود ولد بلخير |
وقد فعلت هذه المجموعة فعلتها الشنيعة، وهي تدعي أن دافع ما أقدمت عليه هو مكافحة ظاهرة الاسترقاق التي تسعى إلى استئصالها والقضاء على كل ما رافقها من ظلم، وما نشأ عنها من اختلالات اجتماعية؛ لتجرد تلك الثلة الرق وتبعاته العديدة من سياقها التاريخي والاجتماعي؛ وتحمل الشرع الحنيف وعلماء الملة الغراء ـ وحدهم ـ مسؤولية الاسترقاق.
إن هذا التصرف الطائش، وما صاحبه من ملابسات، ينم عن قصور في الفهم واختلال في التفكير أعمى المنتظمين في الإطار الذي يتساوق مثل هذه المواقف فيه، عن حقيقة أن الشعب الموريتاني أرسى مقومات وجوده وحافظ على دعائم وحدته، وصنع تاريخه المشترك في ظل التعاليم الإسلامية السمحاء وملاءمة مع ما يراه المذهب المالكي وما تمليه المدونة الكبرى.
ولئن كان في كل تاريخ، ولدى كل مجتمع، إلى جانب المشترك والمُشْرق من التاريخ، ما يمثل الاختلال والنواحي غير المضيئة التي يسعى المجتمع دوما إلى التغلب عليها وإلى تجاوزها، على نحو يرضى عنه الجميع، ومن تلك الجوانب غير المشرقة في تاريخنا وفي واقعنا المعيش العبودية، والعنصرية والقبلية والجهوية والمحسوبية التي عانى منها شعبنا وما زال يعاني..
وحين يصبح المشكل هما عاما، يسعى الجميع إلى حله يكون اعتباره مشكلا فئويا، مما يُحْيِي روح الانتقام والتشفي من فئات اجتماعية أخرى؛ أحرى إذا كان محاولة للنيل من حرمات الشعب، وتدنيس مقدساته؛ بإتلاف وإحراق ما لم يجرُؤ أحد من قبلُ، على ألا يجعله محل التجلة والاحترام، وهو ما يحمل على الشك فيمن وراء هذا الفعل، ولصالح من يكون. أهو بدافع من محاولة بعض التقليل من أهمية الفقه المالكي، والفروع عموما؟ أم هو بصلة ـ إلى جانب إغراء ألئك ـ بتعميم الإنجيل، وتكثير نسخه وتوزيعها على ملتقيات الطرق ذات الليلة التي سيكون إحراق الكتب الفقهية في صبيحتها.
إن التحالف الشعبي التقدمي، الذي ظل يواصل النضال المستميت من أجل استئصال ظاهرة الرق، يرى أن ينخرط المجتمع بكافة مكوناته وشرائحه الاجتماعية وقواه الفكرية؛ بمن فيها الفقهاء والعلماء والمثقفون والأحزاب السياسية والمجتمع المدني، والدولة ومؤسساتها ـ في ديناميكية اقتصادية اجتماعية سياسية وتعليمية، واستكمال المنظومة القانونية لتحقيق ذلك؛ قبل أن ينخرط المهتمون الجدد في العمل من أجل مكافحة الظاهرة؛ وحتى قبل أن يعترفوا بوجودها كممارسة، بعدما استمروا في إنكارها لمدة طويلة.
هذا الإدراك وهذا الوعي بطبيعة المشكل هو الذي ترجمه إلى إنجاز يأخذ طريقه إلى الواقعية، وبتدرج منطقي، رئيس الحزب الأخ مسعود ولد بلخير، الذي ظل هذا الهم يحكم كل مواقفه السياسية؛ فكانت أولوية سن القوانين هي أساس اتفاقه مع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله؛ كما كانت هي وجوانبها الاقتصادية الاجتماعية أساس الحوار مع محمد ولد عبد العزيز وأغلبيته.
وسوى هذا النهج وغير هذا الأسلوب من دعوة إلى العنف، وتحريض على الفتنة فيه من الإضرار بالمصلحة العامة ما لا يخدم الوحدة الوطنية، ولا يراعى ثوابت الوطن، ولا يسهم في صيانة مقدساته، ولا يرعى في أسس وجوده إلا ولا ذمة؛ وهنا لابد من التنبيه على أن دعاة العنف والمحرضين على الفتنة لا يقل صنيعهم عن صنيع هذه الزمرة القليلة في عددها والشاذة في مواقفها؛ بل إن ألئك هم من حرض وشجع على هذه الفعلة الشنيعة التي أقدم عليها أفراد قليلون؛ ويكون من الخطأ أن توسع دائرتهم؛ بل وأن تشمل ـ كما يحلو لدعاة الفتنة أن يروجوا ـ شريحة اجتماعية بكاملها (الحراطين)؛ وكان ينبغي أن تكون مواقف هؤلاء نالت من التنديد والاستهجان ما نالت فعلة تلك الزمرة.
" ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله" "... ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين"
صدق الله العظيم.
ولذا فإننا في التحالف الشعبي التقدمي:
ـ ندين بكل شدة ونرفض إحراق الكتب الإسلامية عموما وخصوصا أمهات الفقه المالكي.
ـ نشجب هذا النوع من الأفعال ونراها أفعالا طائشة.
ـ نحذر من كل سلوك يهدف إلى المساس من حرماتنا والنيل من وحدتنا وزعزعة أمننا واستقرارنا.
ـ ننوه بالشعب الموريتاني ويقظته لسد الطريق أمام أعدائه، ومن يسعى إلى الفتنة والدعوة إلى العنف واتباع غير أسلوب الحوار والموعظة الحسنة.
ـ ندعو إلى الحذر من كل ما من شأنه أن يزعزع إيماننا الراسخ، وإجلالنا لقيمنا ومنظومتنا العقدية. نواكشوط: 29/04/2012
اللجنة الإعلامية
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire