
وملاك العبيد المعروفة عندنا اصطلاحا ب:( تلب النار) فقد حضرت إليها من اجل متابعة محاكمة الناشطين الحقوقيين التسعة لكني في حيرة من أمري ومصاب بخيبة أمل وذاكرة مشوشة وتوقعات بائسة ، لكن ثقتي بربي هي سلاحي وجندي الذي لا يغلب ولا يقهر وينتابني شعور داخلي إن هذا اليوم هو اليوم الذي فرق الله فيه بين الحق والباطل علي يد رسوله عليه الصلاة والسلام بعد دقائق معدودة امتلئت خشبة المحكمة فإذا بالقاضي وأعوانه ونيابة لابارتاييد الممثلة في وكيل الجهورية وشخصان يجلسان بجانبه والجلساء جميعا من البيضان فقلت في نفسي بعد إن فكرت مليا يا إلهي هل هي محاكمة شريحة لآخري إذ لم أري في قفص الاتهام إلا السود من أبناء العبيد والعبيد السابقين فهم رهط أو فوق الرهط بقليل وأنا في علمي التام الذي لا يرقي إليه الشك إن أبناء العبيد والعبيد السابقين تسعة وقيل ثمانية وتاسعهم صحفي اسود البشرية ابيض القلب هو السالك بن إنل والناشطون الحقوقيين ستة وسابعهم بلخير وقيل سبعة وثامنهم التراد وقيل ثمانية وتاسعهم علي وقيل اقل من ذالك نسبا عند الإقطاعيين إذ يجب سجنهم لأنهم أبناء عبيد وعبيد سابقين وعيشة منت صيبوط من البرابرة العاربين الأحرار، أحرار من احترام الإنسانية والتجرد من العدل والمساواة والأخلاق السالك صحفي اخذ من بين زملائه من الصحافة البيض لسود بشرته لا قلبه وتلك فلسفة حكامنا ولأسف يغيب عنهم أن حرية العبيد السابقين حرية من السماء وليست حرية من الأرض في المحضر استعملت في حقهم كلمة زمرة من المارقين " العبيد" حسب قولة نيابة لابارتاييد فالله اعلم بعدتهم ونواياهم أنهم فئة من الحقوقيين رمي بهم في غياهب السجون لوقوفهم في وجه زمرة من أبناء " دقلانيوس" الإقطاعيين المستعبدين للإنسانية ولم يفروا إمامهم .
بعد فترة وجيزة وصحوتي من غثيان انتابني ألقيت النظر يمينا وشمالا فإذا بجماعة من الرجال شيبا وشبابا اقرب إلي هيئة النسور تتحرك داخل قاعة المحكمة منقسمة إلي مجموعتين فقلت في نفسي خلسة عسي ولعل يكون هم فريق الدفاع ، فالبيض يدافعون عن دولة اللامساواة واللاعدل والسود عن أبناء العبيد والعبيد السابقين فأجزمت في نفسي دون شك إن المحاكمة ملحمة مقدسة وان هذا اليوم هو يوم انتصار الحق على الباطل الذي وعد الله به رسوله (بدر) فارتفعت معنوياتي وذكرت الله خيفة في نفسي وقرأت الآية الكريمة )هذا بيان للناس وهدى و موعظة للمتقين ولاتهموا ولاتزنوا وانتم الأعلون إن كنتم مؤمنين إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين ءامنوا ويتخذ منكم شهداء ولله لا يحب الظالمين) الآية.
وما إن انتهيت من قرأت الآية حتى بدأت النسور شيبا وشبابا من ذواتى البشرتين تتحرك داخل قاعة المحكمة واختلطوا فيما بينهم وتبادلوا بعض الصحف والمذكرات وبدا كلاهما يجمل هندام الآخر وجعلوا صفهم صفا واحدا فاقشعر جلدي وتذكرت أنني استعملت جنود إبليس (لعل وعسى) واستغفرت لذنب وتساءلت عن اقرب الأسماء والأوصاف التي يجب إن اصف بها هذا الجمع المبارك فقذف في نفسي دون إن أشاء أو أريد بل أريد بي أنهم عباد الرحمن اللذين يمشون على الأرض هونا بكل الأوصاف الواردة في الآية الكريمة وحدثني نفسي لأول مرة إن هذه هي المواطنة والوحدة والتآلف والتكافل الاجتماعي بحق السماء لقد عكسوا لوحة أطياف المجتمع ونسيجه وأديمه الذي يجب إن ينصهر كل حقوق في التخندق فيه معهم بعيدا عن نزوات الإقطاعيين وملاك العبيد السابقين بحق السماء لقد ألف الله بين قلوبنا ووحد صفوفنا في يوم بدر الحقوقيين كانت مرافعات الدفاع الموريتاني بمثابة الصاعقة الدامغ والداحضة لكل حجج نيابة نظام لابارتاييد بكل روح قانونية وظهرت خروقات قانونية تشهدها المحاكم الموريتانية لأول مرة في تاريخها إذ تقدمت نيابة نظام لابارتاييد بمحضر بلا رقم وليست له رأسية تحمل الشعارات الوطنية الخاص بكل من مؤسسات الدولة، أما الخرق الثاني فهو المتمثل في إعداد محضر النيابة من طرف عدة مفوضيات غير متخصصة وتم إقصاء مفوضيات لكصر وعرفات المعنيات بالقضية مع اختلاف في حجم الكتابة والخط بالإضافة إلى المواد 101-102- 105-191- 193 المعاقب علي ارتكابها والمتعلق بالتجمهر والإخلال بالأمن فهذه المواد يشترط فيها إن يكون التنظيم مسلح فكشف الوقائع يتنافي مع موجب لتطبيقها لان الحقوقيين لم يضبط عندهم أي سلاح ولم يتصدوا لرجال الأمن اللهم إن كان قلم الصحاف هو الذي ضبط كمحجوزات معهم ،فعلي نيابة نظام لابارتاييد الابتعاد عن المهاترات والأراجيل وإخضاع القانون لرغبات الإقطاعيين وملاك العبيد السابقين إن الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان أعلن سنة 1998 إن هذه المواد يجب إن يسبقها إنذار بإشارة معينة أو كلمة وحتى الآن مازال عندنا اختلاف في هل يكون الإنذار باللهجة الحسانية أو بإحدى اللهجات الوطنية كمان إن دولة الديمقراطية تصبح فيها هذه المواد غير واردة التطبيق لان كل الموطنين لهم حق التجمهر والاعتصام والتظاهر أمام مؤسسات الدول إذا لم تلبى مطالبهم حسب مذكرات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كالذي يجتاح العالم الآن ، فلما لا توجه هذه التهم إلي الثوار والمتظاهرين المعتصمين في تونس ومصر وسوريا وليبيا مما يعني إن هذه المواد باطلة جملة وتفصيلا فعلى نيابة نظام لابارتاييد الابتعاد عن إخضاع المحاكم للعنصرية والجهوية والطائفية وتبرئة الإقطاعيين وملاك العبيد السابقين ومحاكمة الحقوقيين إن نيابة نظام لابارتاييد لم تورد في محضرها نص المادة 56 القائل" أن كل من رأي جريمة ولم يبلغ عنها يعاقبه القانون " مثل الإرهاب المخدرات وممارسة العبودية والاسترقاق من ذالك ببعيد فالنيابة أخذت بمقلوب المادة 56 والمواد المذكورة في محضر النيابة مواد ميتة ليس لها مرسوم يحددها ومن الواضح في الفترة الأخيرة من محكومة السلطات الموريتانية أصبحت تتعامل مع شريحة أبناء العبيد والعبيد السابقين كما تتعامل إسرائيل مع الفلسطينيين بالرغم من أنهم السكان الأصليين لأرض والدليل واضح فالبرغم من اقتحام الشرطة للجمهور الذي توجد فيه جميع شرائح المجتمع لم يتم سجن وضبط وضرب إلا أبناء العبيد والعبيد السابقيين وتسريح الآخرين وهذا نوع خطير من إحياء النعرات وتعميق الفوارق الاجتماعية وهو مهدد لأمن وكيان قيام الدولة فما على السلطات القضائية والتنفيذية إلا إن تبرأ الناشطون الحقوقيين كما برأت الإقطاعيين وملاك العبيد السابقين في كل المحاكمات السابقة.
محمد ورزك محمود الرازكه
رئيس جمعية مرصد الحوار الشبابي الموريتاني لتذوي
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire