mardi 1 mai 2012

مع بيرام في معتقله



الثلاثاء 1 أيار (مايو) 2012

سيدي محمد الأمين
الجبان: من يفكر بساقيه وقت الضرورة المُلِحَّة. الكاتب الصحفي الأمريكي: امبروس بيرس.
ـ 1 ـ .. كان علي أن أدرك أن المجتمع الذي لا تزال لغته و تراثه الثقافي مليء بالمفردات الاستعبادية: عشرات الأمثال التي تحقر العبد، و تعلي من شأن البيظان الأسياد لا يستطيع تفهم ما قمت به.. المجتمع الذي لا يزال يتسوق في شهوانية في عالم العبيد، المجتمع الذي ينكر العبودية رسميا و يستنكر العنصرية جهارا، و لكنه يمارس العبودية و العنصرية في ذهنه، و عندما يأوي إلى فراشه كل ليلة، أو يستشعر الطمأنينة مع خاصته.
كان علي أن لا أقيس على عمل البيظان الذين أحرقوا كتب ابن تيمية و الوهابية و مزقوها و وصفوها بأشنع الأوصاف.. و لا على تجاسر غلمان السلفية البيظان على شتم و سب خليل و المتون المالكية، لأن هؤلاء من مرتبة بشرية أرقى و أرفع، و فعلهم لا يدان كما يفعل "عبد" مدان لمجرد أنه موجود..
كان علي أن لا أؤمل كثيرا على تسامح البيظان الذي يتشدقون به، فهذا التسامح لا يتجاوز نطاقهم الخاص، تماما كما أن الديمقراطية الأوربية و الغربية لا تتجاوز دائرتهم الضيقة، فيما يدفع المستعمرون أبهظ الأثمان نتيجة استعلائيتهم..
قد يكون فعلي في شكله "متطرفا" بعض الشيء، لكنني سأعتبر تطرفي أرحم بكثير من تطرف البيظان.. الذين خرج كبيرهم و صغيرهم، جاهلهم و عالمهم مطالبين بمعاقبتي، لقد وصل تطرف البعض منهم إلى المطالبة بإعدامي..
ـ 2 ـ
أنا مقتنع في قرارة نفسي بأن كبراء البيظان و أشرافهم، و أبناء شيوخهم يجدفون يوميا على الله، و ينطقون ما ظاهره على أنه كفر، و يتركون لأنفسهم بابا للخروج هو "الباطن".. و مع ذلك فلا يتجرأ أي أحد على محاسبتهم و إلا تعرض للعقاب الميتافيزيقي القاسي و الاجتماعي الأقسى..
لكن هذا الباب لهم وحدهم.. لا يدخل أو يخرج منه غيرهم، أما العبيد و أبناء العبيد فالويل لهم إن لمًحوا دون أن يصرحوا: الويل لي .. و لرفاقي مناضلي إيرا إن نحن اقتربنا من تلك الحوزة المصونة للأسياد من البيظان..
اليوم يجمع علماء البيظان من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار على إحراقي بنار جهنم..
يجمع ساسة البيظان من معارضة و أغلبية على رميي بالتطرف و التعصب..
يجمع متعلمو و جهلة البيظان على رجمي بالحجارة لأنني العبد الدنيء الوضيع الذي تطاول على الله و رسوله و مالك و خليل..
يجمع زوايا و محاربو موريتانيا على تجريمي اليوم..
و يتجاهلون كلهم مشاكلهم و خلافاتهم، مساوئهم و مثالبهم، فسقهم و تجديفهم، نفاقهم، و عدم تناهيهم عن منكر فعلوه، جهلهم و تخلفهم، ليفرغوا جام غضبهم على الشبح الذي أزعج أحلامهم الآثمة في حب السيطرة و التملك و الاستعباد، على المناضل الذي جابه أسوء غرائزهم..
يكتم اليوم كل صوت نادى بمحاربة العبودية ليصرخ بأعلى صوت: اللعنة عليك يا بيرام..
أتساءل حقا: هل كانوا يحاربون العبودية فعلا؟؟
أتساءل فعلا: هل كانوا يستخدمون أبوابا خلفية "باطنية" في القضية؟؟
ـ 3 ـ
الآن عليهم أن يكتووا بنار الهزء بمقدساتهم: "تراث الاستعباد في النصوص المالكية"، و تطرفي إزائها..
السلطة التي لم تجد يوما و لم تكن لها إرادة حقيقية في محاربة العبودية، بل اكتفت بقوانين، و يبدو أن آخر ما يسأل عنه هو القوانين في بلد الظلم هذا.. و التي ترقص طربا لأنها وجدت السبيل لتجييش الغوغائيين و الاستفادة من عاطفتهم العنصرية..
الأحزاب السياسية التي كانت بياناتها التنديدية بما فعلت أطول من الفقرات الصغيرة التي خصصتها في رؤاها و برامجها لمعالجة العبودية.. و التي لم تستطع إلا أن تبرهن أن موضوع العبودية لم يشغل بالها يوما..
المثقفون و أشباههم الذين ادعوا مناصرتهم لقضيتنا و اختفوا و خشعت أصواتهم أمام أصوات الغوغائيين و العوام.. و الذين أثبتوا خيانتهم للقضية بصمتهم المطبق عن إدانة اعتقال المناضلين في القضية..
المتعصبون من كل الشرائح و الطبقات الاجتماعية للبيظان، و الأرقاء الذين لا حول لهم و لا قوة و الذين خرجوا في مسيرات مطالبة بإعدامي أو بعقابي.. و الذين يكشفون قبح وجه التعصب الأعمى و العنصرية..
أقول لكل هؤلاء: أنتم من سمح بمحرقة الكتب المالكية، و انتم من عليه تحمل نتائج التطرف الناتج عنها..
أما أنا فسأتحول في أسوء الأحوال إلى متطرف إذا سمحتم بذلك..



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire