السالك ولد انل
حبذا لو رأينا قبل الحملة الدولية لاطلاق سراح الصحفي عبيد ولد اميجن، حملة وطنية لاطلاق سراحه، حبذا لو رأينا وقفة احتجاجية واحدة من صحافتنا تطالب بإطلاق سراحه ، حبذا لو رأينا بيانا واحدا.. مقالا واحدا.. رجلا واحدا.. امرأة واحدة.. شجبا وتنديدا باعتقال الصحفي عبيد ولد اميجن.
لقد رأينا الكثير من البيانات والمقالات، وسمعنا في المقابلات عن زميلك ماموني ولد المختار وفصله، ومصوري بعض المواقع واعتقالهم ، لقد قامت دنيا الصحافة عن بكرة أبيها ولم تقعد ونددت الأحزاب بكل انتهاك في حق كل متصاحف ــ إن صح القول ــ لقد استنكرت صحافتنا وأحزابنا كل شاردة وواردة حتى عدم نزول راكب الحمار عن حماره. فلماذا لا ينددون بسجنك ، وما تلاقيه ــ من رحمة ــ اعني من عذاب على يد جلاد ــ رحيم ــ أقصد ذميم؟ لك الله يا عبيد..! هذا قدرك أن صرت عبدا آبقا، هذا قدرك أن صرت عبدا لجلادين لا تعرف الرحمة ولا الشفقة الى قلوبهم طريقا، هذا قدرك أن صرت عبدا لبائعي أخراهم الباقية بدنياهم الفانية.
قدرك يا عبيد أن صرت من سكان شنقيط المنار، شنقيط الرباط، شنقيط العلم....
المنار الذي لم يبق منه غير ذكرى بالية.. الذي لم يبق منه غير وتد صغير عرته عوامل المدنية الزائفة، والدين القبلي النفعي الأسترزاقي، الاستعبادي، المنار الذي لم يبق منه غير دوارس في مخيلات مشايخ لا يعرفون من الإسلام غير البسملة قبل الأكل، والتحميد بعده، لا يعرفون من الإسلام غير الفقه الاسلاموي الذي أنتجه عسكريون، لا يرعون في المسلمين ذمة ولا عهدا..
الرباط الذي خالف ما ذهب إليه أوائلهم في أمثالهم، فرباطهم لم يؤسس ليجمع.. لم يؤسس ليوحد، وإنما ليعطيهم أفضلية كاذبة، أساسها الطبقية البغيضة.. أساسها الظلم والاستعباد.. أساسها التهميش و الإقصاء، فأي رباط هذا؟ وعن أي رباط؟
أما العلم فقد خالف ما قال الله ورسوله، وقدس ما قال البشر، حتى في ذواتهم، فلحمهم مسموم، ومخالفهم ــ بالقرآن الكريم والحديث الشريف ــ مذموم.
قدرك أيها العبد الصحفي الكاتب.. عبيد أن عشت على أديم أرض لا يقدر أهلها الكلمة الصادقة وقائلها، ولا الحقيقة البارزة وناقلها، ولا الصورة الناطقة وعارضها..
قدرك أيها العبد المارق.. عبيد أن عشت على أديم أرض عشش فيها الظلم فشرعوه باسم الدين، ــ والدين منه براء ــ وظلموا بني جلدتك قرونا من الزمن فلست أول المظلومين.. فاصبر وما صبرك إلا بالله أيها العبد الكاتب الصحفي.. عبيد سجنوك ليسكتوا فيك صوت الحق، سجنوك ليفقئوا من خلالك عين الحقيقة، سجنوك ليقطعوا لسان الصدق.. ولكن هيهات.. هيهات..!
فسجنك يا عبيد لم يكن سجنا، وإنما دروسا، وعبرا، فقد علمنا ما لم تعلمنا الحياة في كل تجاربها علمنا سجنك يا عبيد أن الحق أحق أن يتبع، وان شمعة النور التي أوقدها الصادقون لا تنطفئ ــ ولن تنطفئ ــ بسجنهم أو قتلهم.. علمنا سجنك يا عبيد إن الأمجاد التي بنيتها بثورة قلمك على مجتمع الظلم والطغيان، وآكلي لحوم الانسان.. ستبقى ذكرى تطارد كل طاغية.. كل مارد.. كل شيطان.. علمنا سجنك يا عبيد أن الانسان لا يلين.. لا يركن.. لا يستكين.. علمنا سجنك أن العزة، والكرامة، والحرية... هي أغلى ما يملك البشر. وهي كل ما تبقى لبني حرطان..
النضال النضال، فمعارك الحياة سجال، والأيام دول... فسجنك اليوم يا عبيد عزة غدا، سجنك اليوم تاج مرصع على رأس كل مظلوم .. كل محروم.. كل أسود ، مستوحن، مستوحش، مستهجن، مذموم.. فاصبر وما صبرك إلا بالله. أرادك فرعون عصرنا سجينا فسجنوا أذنابهم بسجنك، فهم لا يعلمون أنهم غيبوك حيث غيب فرعون مصر نبي الله يوسف فأكرمه الله برسالته، وأيم الله إن لك في الأفق البعيد كرامة.. وأي كرامة؟ هناك تلوح كرامة عبيد يعرفها الضعفاء في بلاد السيبة، هناك تلوح حرية كل مستعبد مقهور.
كرامتك أيها العبد، ثورة الضعفاء على مجتمع النفاق والشقاق، على مجتمع باعنا في سوق النخاسة بثمن بخس، دراهم معدودة، وكان فينا من الزاهدين.. على مجتمع سلبنا كل شيء حتى الآدمية، فنحن لسنا بشرا في دينهم، بل متاع.. أو شيء.. أو حيوان.. وإن من الحيوان ما يعطي لبنا أو لحما.. أما نحن فلا نعطي إلا ملحا.
كرامتك هي ميلاد فجر جديد، وعصر جديد، ونور جديد، وتأسيس جديد، لمرحلة جديدة، هي ميلاد مجتمع فيه الجميع متساوون، تسوده العدالة، يعطي فيه الفرد ليأخذ بقدر ما يعطي، كرامتك لا تعرف الأفضلية بما دأبوا عليه فتلك أفضلية الآخرة، والمجتمع الأخروي، أما كرامتك فلا تعرف الأفضلية إلا بالعطاء والتفاني في خدمة الوطن، فليهنأك الله أخي عبيد، عش حميدا، واضحك في سجنك، ودع جلاديك يبكون بضحكاتك، ويمرغون أنوفهم في التراب. أخي عبيد ادحض حججهم الواهية، وعراقيلهم الصورية، وعري ممارسات نظامهم العنصري، فلسان حالك فاضح لحقيقة صحافتهم الكرتونية، المتملقة، المنحازة، وكن على يقين أنه يجدد الأمل والحلم عند شباب وهب نفسه.. وقلمه.. خدمة للإنسانية وقضيتــــــــــ( الحراطين)ــــــه.
السالك ولد انل : رئيس منسقية وعي وقضية لمناهضة العبودية
Saleck_012@yahoo.fr
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire