samedi 23 juin 2012

ما كان "عبيد" إلا حواريا



إرسال إلى صديقطباعةPDF
altمنذ أن صادر "عزيز القصر" حرية صديقي العزيز عبيد ولد إميجين ولساني يلهث بدعاء زميلي الصحفي بون ولد أميده "ربنا إن في القصر عزيزا فأذله".
وكان عزائي دوما أن الأول تنبأ بسجنه والثاني كان مخلصا في دعائه.
ولم يكن أسر عبيد إلا جزءا من نبوءته؛ فقد كان حواريا لقضيته ثوريا في مواقفه لا يخاف في الحق لومة لائم.
وكان شامخا كالأفق اصيلا أصالة القضية؛ نبيلا في سلوكه ورغم عذابات سجنه وكيد جلاديه؛ فقد كتب والأغلال موثقة بيده وكان استاذا في مقاله.
عبيد كتب من السجن ليقول "أسامح وأنسى"!..
لعمري إنها للحظة طهر قليل من تغشاهم. فالسجن سكن الأنبياء والسجين عبيد من الذين أحي إليهم أن يكونوا فداءا للحرية.
ولعل السير النبوية تظل حبلى بمواقف مماثلة فقد توجه النبي صلى الله عليه وسلم لقريش بعد أن ساموه العذاب وقال لهم "أذهبوا فأنتم الطلقاء". كذلك فعل عبيد وهو تحت سياط جلاديه.
طبعا ـ كان الأمر عصيبا على الصحافة من حواريي نبي الرحمة خاصة ممن تحفزوا لرد على المشركين.
"وما الحراطين إلا أمة سوداء سادها برابرة في غفلة من التاريخ وما سجن بعض حوارييها إلا جزءا من سنة التغلب التي لا زالت ماكنة بالأرض؛ حيث يسود الظلم ويستعبد البشر بشرا ولدتهم أمهاتهم أحرار".
ربنا إن في القصر عزيزا فأذله؛ وإن في الأرض مظلومين فأعنهم بجيش من عندك.
لان عبيدا من جيل شباب الحراطين الذي صاغته حياة الظلم ونحتتهم وقائع علاته وتناقضاته فقد كان مثقفا برتبة مجتهد وكان واعيا لأسرار وسياقات؛ حاول البعض بمن فيهم سدنة الأنظمة أن يقننوا من خلالها القضية الحرطانية وهي نتاج واقع اجتماعي.
ورغم ذلك الجدل الصامت الذي ظل يستفز أغلب المنظومات الفقهية والقانونية في التاريخ المعاصر إلا أن عبيد كان مستمعا جيدا وسط تلك الضجة وما واكبها من لقط؛ فالرجل أوتي ملكة الكتابة؛ فهو يحسم بمداده.
في يومياته النضالية لم يكن عبيد ينجذب لنداءات التعصب التي تدعوا للعنف كواحد من أكثر الحلول سحرية لاستعادة حقوق الحراطين ممن سلبوا وشردوا وعذبوا وعبدوا؛ بل كان مناصرا للسوية وكان يؤمن بدين يعتنقه الجميع اسمه الوطن.
وفي أحلك اللحظات حيث الملاحقة السرية والتصنت على هواتفه النقالة كان عبيد عفويا في تعاملاته وحرص ان يدخل الجميع حتى الجواسيس إلى عالمه الحر وأن يشركهم في مفردات كدحه النضالي.
لحظة حلم بمجتمع أكثر تقبلا لخياراته الإنعتاقية كمدخل لمجتمع متصالح مع ذاته متعال على عقده في التغطية على أخطائه بحق السواد الأعظم من شعب هذه الأرض المعطاء.
بيد أنه حين يختلط الحابل بالنابل لا يسلم العظام من تحكم السفهاء الذين ينتشون بتصفية ذوي الفكر والآراء المستنيرة دون حاجة لبينة كما فعل عزيز مصر في حق يوسف الصديق بعد صده نزوة زليخة الماجنة.
وبقدر ما مكث الصديق في سجنه واثقا بإيمانه؛ فقد مضى في رسالته كما يمضي عبيد في دعوته للإنعتاق من قلب مؤسسة السجن المدني؛ ليجسد صحوة في الفكر الثوري للحراطين. ويكفيه أن يكون حواري قضيته.

الرجل بن عمر

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire